top of page
Search
  • mwaffahajjar

دمشقُ دكّانِ الحلاقة... الخفّة في استعراض حياة ثقيلة - (نشر على "فسحة")


رابط المقال على فسحة:

https://www.arab48.com/فسحة/ورق/آخر/2022/05/10/دمشق-دكان-الحلاقة-الخفة-في-استعراض-حياة-ثقيلة


أعتقد أنّ فعل الكتابة عن مدينة دمشق، هو فعلٌ تأريخيٌّ وتاريخيٌ بذات الصورة. إذ لم تنفصل المستويات التاريخية للمدينة، عن بعضها أبداً وإنّما تراكمت دوماً لتنتج نفسها إذ صار كلّ تعاملٍ مع هذه المدينةِ هو تعاملٌ مع جميع نسخها السابقة. أفكّر بهذه المعضلة وأصبح أكثر رغبة بالتعرف إلى تلك النُسخ السابقة. ومن حسن الحظّ دائماً، أنّ دمشق الغريبة، ما انفكت تنجب سكّاناً يعشقونها بطريقة لا تقلّ غرابةً. فيكتبون لنا ولها ولهم وعنهم وعنها وعنّا. إيماناً من هؤلاء العشّاق بالواجب السرديّ الذي يعطيهم وثيقة انتماء لهذه المدينة.


أعود في مقالي هذا إلى القرن الثامن عشر، والذي تمكنت به الكتابة التاريخية من أبواب دمشق كلها، وسيطرت على علمائها، وسكّانها فأصبحت نشاطاً محلّياً محبباً، مميزاً ينطلق صاحبه -كائناً من كان- من رصد اليوميّات والحوادث. ومن أولئك المؤرخ ابن كنّان الصالحي (ت: 1740م)، الذي نشأ في أسرة ميسورة وعمل مدرّساً في المدرسة المرشدية في دمشق، وكتب تأريخاً يومياً، وهناك حسن بن الصديق الدمشقي (ت: 1772م) ومصنفه "غرائب البدائع وعجائب الوقائع" الذي شمل حوادث وأخباراً سمعها المؤلف ودونها. وكذلك محمد الحافظ بن حسين الصيداوي النّجار (ت: 1758م)، صاحب "الكشف والبيان عن أوصاف خصال شرار أهل الزمان" الذي عُيّن مؤدباً للأطفال الصبيان في جامع الدرويشية بدمشق بأجر قدره ٣ قروش[1]. ثم أخيراً وليس آخراً، في قائمتي هذه، أذكر بطل هذه المقالة، أحمد بن بدير السعدي الحلاق (ت: بعد 1761م) والذي كان حلّاقاً يعمل في إحدى حارات دمشق، والذي كتب مخطوطاً أرّخ فيه واستعرض مدينة دمشق من خلاله لمدة عشرين سنة كاملة. وهو الشاهد على عصره، والمنتج في سرده لفضائها الاجتماعيّ.




القصّاص القصّاص


يلعب الحلّاق كما نعلم دوراً مركزيّاً في أيّ حارة (حيّ) من حارات دمشق. وكذلك دكّانه (محلّ الحلاقة) يشكّل مكاناً أساسياً من الأماكن التي ترسم وجه الحارة الدمشقيّة، أو وجهَ مدينة دمشق بالمجمل. عُرف الحلّاق بكونه حرفيّاً متعدد الصَنعات، (الحلاقة، العطور، الطبابة، والطهور). وهو رجل حكّاء، يحبُّ تبادل الأحاديث وتمرير القصص من زبون إلى آخر. إنّه يمارس دورَه في دكّانه، كما يمارس الحكواتي دوره في المقهى، وهو بالتالي رجل يقصّ الحكايات، ويقصّ الشَّعر كذلك. وللمفارقة الغريبة والمجدية، يجمع الفعل قَصَصَ بين معنيي مهنة الحلّاق /في دمشق/.


تقصّ هذه المقالة قصّة شهاب الدين أحمد ابن بدير الحلّاق، صاحب المخطوط الشهير "حوادث دمشق اليومية 1741-1762م" التي نقّحها وقدّم لها (وحذف منها للأسف)، الشيخ محمد سعيد القاسمي قبيل نهاية القرن التاسع عشر، ووقف على تحقيقها بكتاب ونشره، الدكتور أحمد عزّت عبد الكريم في عام ١٩٥٩ في القاهرة. حيث استطاع البديري الحلاق أن ينتج نصاً قادراً على حمل مدينة دمشق وتاريخها بل ومجتمعها بشبكاته وتعقيداته على مدار عشرين سنة من الكتابة. فكيف استطاع من خلال السرد الذي استخدمه أن يقصّ قصّة المدينة. أو أن يصنع ماكيتاً لغوياً لها، إذ يمكن النظر لهذا المخطوط -القائم على تسجيل حوادث مختلفة ومتباينة، تتعلّق بالحارة أو بالمدينة وبالمجتمع من حول هذا الدكّان- كـ(ماكيت) هندسي، مصنوع من كلمات واستعارات وأسلوب البديري، أو كخريطةٍ استطاع صاحبها أن يرسمها لمدينة (دمشق-القرن الثامن عشر أو دمشق-زمانه بشكلٍ أدق). حيث يشكّل النّصّ خريطةً اجتماعيّة يمكن لنا أن نتحرّك داخلها وأن نقرأ دمشق نقدياً من خلالها.


اهتمت كتابة البديري بالعوام والمهمّشين، بقدر اهتمامها بالأعلام والفقهاء والولاة والحكام. فهي تأريخٌ لعلماء وأولياء وشعراء وحلاقين وصبّاغين. تأريخٌ يتناول خياطين، وأشرافاً ووراقين، ومجلدي كتب، وعطّاراً وابن طبّاخ، ومؤرخاً كان يصف أدعية شافية ومراهقين وحدادين ونساء يدخنّ علانية، وبعض رواة القصص والحكواتية. وغيرها من الشخصيات. هو كتاب يحتوي على قصص وفضائح لرجال ونساء دمشق، على قصص انتحار وجرائم، وكذلك على تراجم أعلام وعلماء قد رحلوا في تلك الفترة و"الترجمة في سياق ما قبل الحداثة كالنعي، تشهر موت فرد وتدرج إنجازات المتوفي[2]". ولم يعتمد ابن بدير على نمط واحد من أنماط الكتابة فيه، بل جمع بين النثر والسجع والشعر والمواليا والتأريخ البسيط. وبالتالي أنتج لنا خريطةً ملوّنة نابضة قادرة على تجسيد المدينة من خلال هذا السرد.

عاش ابن بدير حلاقاً ومطهراً، في حي باب البريد الراقي (أحد أبواب الجامع الأموي- عند المِسكيّة)، الواقع في مركز مدينة دمشق. وكان قد ولد في بيئة متواضعة، فهو ينتمي إلى عائلة من الحمّالين (العگّامين)، سكنت في ضاحية، خارج أسوار دمشق. عمل والده وأفراد عائلته من الذكور في رحلة الحجّ الطويلة الشاقة إلى مكة. والعگّام هو من يحمل الحجّاج على كتفيه. لكنّ ابن بدير اختار أن يتعلّم صنعةً مختلفة وأن يغير قدره وقدر أسرته بالانتقال إلى مركز دمشق والعمل في الحلاقة ثم القيام بكتابة هذه السجلات التاريخية التي بين يدينا. وليس هناك من سبب واضح إلا أنّ رغبة ابن بدير في تغيير حياته كانت واضحة جلية من خلال إقباله على العلم والتعلم مع العلماء الذين كان يؤكد على علاقته فيهم طيلة نصّه، وأينما ذكروا. على أنّه يؤكد كذلك دوماً أنه من أصاغر الناس لا من أكابرهم. تؤكد دانا السجدي في كتابها "حلاق دمشق" أنّ "جرأة ابن بدير الحقيقية تكمن في فعله البسيط والمذهل في آن واحد، أنه كتب كتاباً. لقد وجد ابن بدير الثقة الكافية لاكتساب سلطة مكنته من التمثل بالعلماء على الرغم من أنه لم يتمتع بعلمهم وإجازاتهم له، فألف كتاباً في التاريخ {...} تجاوز حدود عمله كحلاق إلى حقل نصي أدبي ثقافي.[3]" وربما تظهر ثقة ابن بدير متجلّية في هذه الأبيات التي نجدها في المخطوطة حيث تطلعنا على تفكير هذا الحلاق الذي يريد أن يعتبر ويتفكر بأمور الدهر حتى يترك وراءه عملاً طيب الأثر فيقول (أرجو مراعاة دمج العاميّة بالفصحى لقراءة أفضل):

"قُم واعتبر في أمورِ الدهر واتْفَكَّرْ

واعمل على حسب عقلكْ كي لها تذكرْ[4]"


إنّ هذه العقلية تدلنا على آلية كتابة هذه المخطوطة. لم يكن ابن بدير مجرّد منفعل في مجتمعه، أو مجرد حلاق في دكّانه، بل كان بفاعلية (Agency) كاملة بدوره في مجتمعه، وفي محل حلاقته. إنّه يمارس فعل الاعتبار- Realization(أو الفهم) فهو بالتالي لم يكن مجرّد عابر في تاريخ هذه المدينة، بل إنّه توقف ليتأمل، ليتفكر، ليعتبر وليكتب. ولذا كانت كتابته عن المكان، قادرة على إنتاج المكان من جديد.



الفضاء الاجتماعي في دمشق الحلاق


يقع دكّان ابن بدير في مركز مدينة دمشق حيث كانت بعض دكاكين الحلاقة تقع بجانب المقاهي. وقد كان الارتباط بين المقهى ودكان الحلاقة كبيراً في الدولة العثمانية. في إسطنبول مثلاً، كانت دكاكين الحلاقة بديلاً عن المقاهي التي أغلقتها السلطات لما عدّته أنشطةً تحريضية[5]. وقد كان من المعروف في المقاهي تواجد الحكواتي[6]. وبالتالي فإنّ ابن بدير الحلاق، الذي كان قريباً من المقهى ومن الحكواتي، قد تعلّم -ربّما- فن الحكاية وخصوصاً أنه انفتح على فن السيرة الشعبية الشفاهية. وكذلك فإن محل الحلّاق كان مكاناً للثرثرة حول ما يجري في المدينة، تبعاً لموقعه في مركزها ولكثرة رواده واختلاف منزلتهم الاجتماعية.


لقد كتب البديري، باللغة العربية الفصحى، وكذلك بالعاميّة التي ظهرت في تركيب جملته الفصيحة وبتعابيره وجمالياتها، وقف على ساكنٍ أحياناً، واستخدم كلماتٍ عاميّة في أحيان أخرى، شتم وقذف وقال الشعر، والأرجوزات. كتب وكأنّه يحادث الآخر، وهذا أمر يعزى إلى تعلمه القائم على ثقافة شفاهية، إذ اكتسب ثقافته بالمجمل من زبائنه العلماء والفقهاء. لقد تعلّم أثناء ممارسته لفعل الحلاقة. فكيف استطاع نصّه توليد هذا الفضاء الاجتماعي؟


يبدأ البديري تأريخه السنوي، بالجملة ذاتها "ثم بدأت سنة.." وينتقل بعدها إلى أحداث هذه السنة، والتي تتشابه على مدار عشرين سنة إلا بعضها. فيخلق بذلك إيقاعاً منضبطاً للسرد. لم يكن سرده عشوائياً، ولم تكن المواضيع التي اهتمّ بها عشوائية. بل يمكننا أن نرصدها. حيث يتحرّك ابن بدير بين أحوال الطقس، والأوضاع الاقتصادية، وتراجم الأولياء والعلماء والناس الذي توفوا في تلك السنة، ثم موكب الحج وعودة الحجاج، ورمضان والعيد. هذه هي الخطة الرئيسة التي يتحرك ضمنها. وإنّ ما يكسر إيقاعاته المتكررة من سنة إلى أخرى هي بعض الأخبار العشوائية التي لا يمكن أن تتكرر كل عام، كامرأة تقتل زوجها، وأخرى تقطع عضوه[7]، أو معماري يسقط من سطح سوق الخياطين[8]، أو تعمير قهوة وخسوف قمر، أو رجل يقتل ابنته من أجل زوجته الثانية..الخ. لم يكن البديري مجرد مؤرخٍ إذن، بل كان ضابط إيقاع Rhythmanalyst جيّد، استطاع أن يختار قائمة من الإيقاعات التي أراد أن يركز عليها وتتبّعها من عام لآخر. وقد استخدم كل حواسه لذلك، ونقل لنا تجربته المعيشة دون أن يتدخل في هذه التجربة أو في رصد هذه الإيقاعات. وبذلك مكنّنا من إلقاء النظر على فضاء مدينة دمشق الاجتماعي.



الحديث عن الفضاء الاجتماعي، يعني الحديث عن جوانب ثلاثة وهي الممارسة المكانيةSpatial Practice وتمثّلات الفضاءRepresentations of Space ، والفضاء المتمثلRepresentational Space . (بمعنى آخر ممارسة مكانية، تمثل الفضاء المرجو، الفضاء المعاش) يحتاج الفضاء لكي يتولّد إلى اجتماع هذه الجوانب. وإنّ توليد (إنتاج) الفضاء الاجتماعي بالنسبة لمجتمع يريد أن يمثل نفسه، (حيث يتطابق الفضاء مع المجتمع)، ليس أمراً بسيطاً بل إنه عملية معالجة مستمرة تحتاج إلى الوقت[9]. ولذا فإنّ الفضاء الاجتماعي الذي قام البديري بتكوينه أثناء عملية سرده لم يتكون بلحظة السرد نفسها بل على طوال هذه الرحلة السردية. وإذ كان كل مجتمع، يولّد فضاءه الخاص به[10] فإنّ ما قام به نصّ البديري هو عمليّة مساهمة في توليد هذا الفضاء من خلال سرديّاته المختلفة والمتعدّدة.


يتحدث البديري عن عناصر المدينة المكانيّة، من المقهى إلى الجامع إلى السوق المسقوف، المحكمة، والمدرسة، والممارسات الموجودة في كل من هذه الأماكن. عن شرب القهوة، عن النساء اللاتي يدخنَّ في الشوارع، وينمن في الأزقة والأسواق. تحدّث عن ذهاب الناس للسيران، وعن حركتهم في المدينة وخارجها. هكذا يصف لوفيفر الفضاء الاجتماعي، يتشكل من الأفعال التي يقوم بها الناس في المجتمع كأفراد وجماعات، فينمون بداخل هذا الفضاء، يتحركون، يعيشون ويموتون كذلك[11]. نقرأ هذه الفقرة من عام 1748 حيث يقول فيها:


"وفي هذه الأيام عملوا ديوان، وأخبروا أسعد باشا بكثرة المنكرات واجتماع النساء بنات الهوى في الأزقة والأسواق وأنهم ينامون على الدكاكين وفي الأفران والقهاوي. وقالوا: دعنا نعمل لهم طريقا إما بترحيلهم أو بوضعهم بمكان لا يتجاوزونه، أو نتبصّر في أمرهم. فقال: إني لا أفعل شيئا من هذه الأحوال، ولا أدعهم يدعون علي في الليل والنهار، ثم انفضّ المجلس. ولم يحصل من اجتماعهم فائدة." (ابن بدير، 127)


نلاحظ استنكار أهل المنطقة للممارسات المكانية (النوم في الشارع) من قبل "بنات الهوى" حيث إنّها أسواق ودكاكين وقهاوٍ لم تكن لتخدم هذه الأغراض، وبالتالي يتجلى تمثل الفضاء المرجو (السوق للسوق والمقهى للقهوة، وليست لنوم بنات الهوى)، ثم كيف يتم العيش في هذا الفضاء. كذلك في مثال آخر، يحدثنا البديري عن أجواء رمضانية يتغير بها استخدام المكان أو كيف حدد له أن يكون مثلاً (فتحت الدكاكين ليلا) حيث يقول:


"وكان هلال رمضان في هذه السنة نهار الاثنين وأثبت بعد العشاء، وأشعلت القناديل في سائر مآذن الشام، وضربت مدافع الإثبات في منتصف الليل. وحصل للناس زحمة في حركة السحور، حتى فتحت دكاكين الطعام ليلاً كالخبازين والسمانين." (ابن بدير، 23)


يتضح من خلال المثالين أن هذا الفضاء الاجتماعي قادر على أن يؤدي دوره في تحليل المجتمع الذي كان في دمشق. حيث تفرز هذه الممارسات المكانية الفضاءَ الاجتماعي، إنها تسبقه وتفترضه في تفاعلاتها وتنتجه ببطء، وثبات. ولذلك يرى لوفيفر أن الممارسات المكانية لمجتمع ما، تتجلى من خلال فك رموز هذا الفضاء (أي الفضاء الاجتماعي) فلكي نفهم، وجود بنات الهوى في الأزقة والأسواق علينا أن نفهم سياق المجتمع في ذلك الزمان، ووضع السلطة مع هذه الممارسات وفك رموز هذا الفضاء الاجتماعي.


لم يكن البديري جوالاً يسجل ملاحظاته بترف. بل كان حلاقاً بدوام كامل. يجلس في دكّانه ويقصّ القصص والشَّعر للناس. لكنّه استطاع من موقعه أن يتنقل بين أزقة دمشق وقصصها، فضائحها وأمورها السياسية، أخبارها اليومية والشهرية والسنوية. كان يعمل على مستوى الشارع تماماً دون أن يتحرك. وقد استطاع من خلال إيقاع عمله في الحلاقة خلال كلّ عام، أن يخلق إيقاعاً مكانياً لمدينة كبيرة وحيوية من خلال سرد تفاصيلها وقصصها وبناء (مستقبل) لقصّة ماضيها دون أن يعلم ذلك، أو أنه علم.

(والله أعلم) كما يقول البديري نفسه في نهاية أخباره.


أترك نهايةً بعض الأمثلة الأخرى، من قصصه ومشاهداته وتأريخه:


يقول: " وفي هذه الأيام شاع خبر بدمشق بأن في الشام امرأة يقال لها السّماويّة، تمسك الأولاد بالاحتيال والرجال أيضاً، لأجل أن تخرج السمّ منهم. فخافت الناس وكثر الفزع، وصارت الناس توصي بعضهم بعضا منها." (ابن بدير، 90)


"وفي تلك الأيام ازداد الفساد وظلمت العباد وكثرت بنات الهوى في الأسواق في الليل والنهار. ومما اتفق في حكم أسعد باشا أن واحدة من بنات الهوى عشقت غلاماً من الأتراك. فمرض فنذرت على نفسها إن عوفي لتقرأن له مولدا عند الشيخ أرسلان. وبعد أيامٍ عوفي من مرضه، فجمعت شلكات البلد وهنّ المومسات، ومشين في أسواق الشام، وهن حاملات الشموع والقناديل والمباخر، وهنّ يغنين ويصفقن بالكفوف ويدققن بالدفوف، والناس وقوف صفوف، تتفرج عليهن وهن مكشوفات الوجوه سادلات الشعور.."

(ابن بدير، 112)


"ونهار الاثنين خامس عشر ربيع الأول وقع سقف السوق الضيق خلف الجامع الأموي الذي فيه القهوة. وكان وقوعه بعد صلاة الحنفي. وكان تحته جماعة مات منهم أربعة أشخاص وهشّم جماعة."

(ابن بدير، 139)


"وفي يوم الجمعة عاشر يوم من جمادى الأولى والناس في صلاة الجمعة، ألقى رجل نفسه من قلعة دمشق إلى جهة قهوة المناخلية، فتكسرت يديه ورجليه، وسبب حبسه أنه اتهم بافتضاض بنت."

(ابن بدير، 145)


"{..} جاء رجل من الأتراك إلى دمشق، ومعه صحن من نحاس يضعه على عود ويفتله عليه، ويحذفه إلى أعلا قامتين، ويتلقاه على العود وهو يفتل وينقله من إصبع إلى أصبع وهو دائر يفتل ويلم فلوساً من المتفرجين ثم صارت أولاد الشام تفعل كفعله، فتعجب {..} وذكر أنه دار بلاداً كثيرة {..} وما قدر أحد أن يفعل كفعله، ثم سافر ولم يرد بعد." (ابن بدير، 146)


"وبعد مجيء الحاج أسعد باشا من الحج الشريف وجدنا داره قد تمت عمارتها، فلما دخلها زاد فرحا وابتهاجا {..} فذبح الذبايح وأعطى المنائح {..} غير أن أهل الشام في أكدار من غلاء الأسعار وبخل التجار وانفساد الأحرار وضعف الصغار، وعدم رحمة الكبار، والحكم لله الواحد القهار." (ابن بدير، 153)


"وفي تلك الأيام جاء الخبر بقتل أسعد باشا بن العظم والي الشام سابقاً. وبعد أيام جاء قبجي من جهة الدولة بختم سرايته وضبط ماله وختم بيوت جميع أتباعه وأعوانه {..} ودخل القبجي إلى السرايا، فأخرج الدفائن العظيمة من سرايته فإذا هي كالكنوز المودوعة فيها، فأخرجوا من الأرض ومن الحيطان والسقوف والأحواض {..} دراهم ودنانير وأمتعة نفيسة لا تقام بقيمة.. " (ابن بدير، 219)





المراجع باللغة العربية:


البديري، أحمد. حوادث دمشق اليومية، نقحها محمد سعيد القاسمي، القاهرة: مطبوعات الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، 1959.


السجدي، دانا. حلّاق دمشق محدثو الكتابة في بلاد الشام إبان العهد العثماني (القرن الثامن عشر). ترجمة: سرى خريس، مراجعة: سعيد الغانمي، أبوظبي: دائرة الثقافة والسياحة، كلمة، 2018.


كيّال، منير. صور دمشقية: من ذاكرة الإنسان والمكان، دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب، 2010.


محمد الحافظ بن حسين الصيداوي النجار، الكشف والبيان عن أوصاف خصال شرار أهل الزمان، بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019.


المراجع باللغة الإنگليزية:


Lefebvre, Henri. “Rhythmanalysis: Space, Time and Everyday Life”, New York, Continuum, 2004.


Lefebvre, Henri. The Production of Space. Oxford, England: Blackwell. 1991.

[1] النجار، محمد الحافظ بن حسين الصيداوي، الكشف والبيان عن أوصاف خصال شرار أهل الزمان، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019) 17-22. [2]دانا السجدي. حلّاق دمشق محدثو الكتابة في بلاد الشام إبان العهد العثماني (القرن الثامن عشر). ترجمة: سرى خريس، مراجعة: سعيد الغانمي، (أبوظبي: دائرة الثقافة والسياحة، كلمة، 2018) 58. [3] دانا السجدي. حلّاق دمشق محدثو الكتابة في بلاد الشام إبان العهد العثماني (القرن الثامن عشر). ترجمة: سرى خريس، مراجعة: سعيد الغانمي، (أبوظبي: دائرة الثقافة والسياحة، كلمة، 2018)، 21. [4] أحمد البديري. حوادث دمشق اليومية، نقحها محمد سعيد القاسمي، (القاهرة: مطبوعات الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، 1959) 157. [5]دانا السجدي. حلّاق دمشق محدثو الكتابة في بلاد الشام إبان العهد العثماني (القرن الثامن عشر). ترجمة: سرى خريس، مراجعة: سعيد الغانمي، (أبوظبي: دائرة الثقافة والسياحة، كلمة، 2018) 159. [6] منير كيال، صور دمشقية: من ذاكرة الإنسان والمكان، (دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب، 2010)، 42 . [7] أحمد البديري. حوادث دمشق اليومية، نقحها محمد سعيد القاسمي، (القاهرة: مطبوعات الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، 1959)147 . [8]نفسه 141. [9] Henri Lefebvre. “The Production of Space”. (Oxford, England: Blackwell. 1991) 34. [10] Henri Lefebvre. “The Production of Space”. (Oxford, England: Blackwell. 1991), 31. [11] Ibid, 34.

2 views0 comments
Post: Blog2 Post
bottom of page